
“التّسويق لم يعد حول الأشياء الّتي تقوم بها، بل عن القصص الّتي تقولها”. ~ Seth Godin
كان يا ما كان….
هذه الجملة الشّهيرة الّتي أسرت قلوب الجميع كباراً وصغاراً وبكلّ لغات العالم، فتزداد لدى سماعها دقّات القلب ويصير الدّماغ في حالة جهوزيّة تامّة للسّماع .. وتبدأ القصّة!
في عام 1748، كان هناك رجل سياسيّ بريطانيّ أرستقراطيّ يُدعى John Montagu، كان يستغرق الكثير من وقت فراغه غارقاً في لعب الورق حتّى أنّه يأكل دون أن يتوقّف عن الّلعب،
وواحدة من المشاكل الّتي كانت لديه أنّه لا يستطيع أن يستمتع بوجبته بيد واحدة؛ لأنّ اليد الثّانية بالطّبع مشغولة بإمساك بطاقات الورق!
وكما يقال أنّ “الحاجة أمّ الاختراع”! فقد جاء بفكرة لتناول لحوم البقر بين شرائح خبز التّوست، ليتمكّن من الأكل والّلعب في الوقت نفسه.
وهكذا أصبحت الشّطائر “الساندويتش” هي الوجبة الّتي تعتبر من أكثر الاختراعات شعبيّةً في العالم الغربي.
والآن.. كيف لك أن تنسى قصّة من اخترع الشّطائر!؟ أو على الأقلّ فهذا الاحتمال سيصبح أقلَّ بكثير ممّا لو قُدِّمت المعلومة بشكل نظريّ بحت!
كأن نقول لك أنّ الّذي اخترع الشّطائر هو السّياسيّ البريطانيّ والأرستقراطيّ John Montagu!

عندما نلتقي بشخص ما في الحقيقة، نقوم بطرح الأسئلة للتّعرّف عليه بشكل أفضل. نستمع إلى كلّ ما يقوله من الحكايات والأفكار والآراء والمعتقدات، فنحن بذلك نحاول أن نكتشف قصّته الّتي نستشفّها من خلال حديثه،
والهدف النّهائيّ هو “الاتّصال”، والعثور على شيء ما يجذب الأرواح لبعضها ويكسر الحواجز بين الأشخاص.
في الواقع، أكّد العلم مؤخّراً أنّ التّعلّق بالقصص هو سلوك طبيعيّ لدى البشر؛ لأنّها تؤدّي إلى فهم أفضل للأفكار، وتمنح الثّقة والتّقبّل بشكل أكبر.
فنحن نقوم بتعليم أطفالنا الأفكار الهامّة عبر الحكايات والأساطير، ونقوم بتشارك حياة الشّخصيّات الهامّة عن طريق الحوارات والقصص وهذا يُخلق من تشارك العواطف بين النّاس.
وهكذا أيضاً تتمّ الأمور أيضاً بالنّسبة للأعمال التّجاريّة، والهدف يبقى نفسه .. هو “الاتصال”،
فإخبار قصتك هي جزء مهم من بناء علامتك التجاريّة، حيث تساعد على تشكيل الرؤية لدى الناس تجاه شركتك، وكيفية القيام بالاتصال بك.
لكن بشرط…
والشّرط هو أن تكون قصّتك حقيقيّة.. لا يتخلّلها أيّ نوع من الكذب! فالمستهلك اليوم يتمتّع بالذّكاء، وكما خلقت لك وسائل التّواصل الاجتماعيّ فرصة لمشاركة المستهلكين الحديث عن علامتك التّجاريّة ومنتجاتك الجيّدة،
فهي أيضاً سلاح قد يدمّرك بحدّه الثّاني في حال تمّ اكتشاف أيّ نوع من التّلفيق والتّزوير التّابع لعلامتك التّجاريّة.
والآن لنتكلّم عن المعادلة الصّعبة..
العلامة التّجاريّة لا تريد الحصول على الاهتمام، وإنّما تريد الحصول على الإيرادات من خلال بيع منتجاتها! أمّا النّاس فهم لا يرغبون بدفع النّقود، بل يحبّون ما يثير اهتمامهم!
فلكي تبيع العلامة التّجاريّة منتجاتها وتحصل على الإيرادات يجب عليها أن تحصل على اهتمام النّاس وتجذبهم إلى علامتها التّجاريّة.
لكنّنا نستنتج أنّها المعادلة السّهلة وليست الصّعبة! فبعض التّنازل من كلا الطّرفين يمكنه تحقيق المعادلة..
فهذه المعادلة هي نتاج دراسات عبر سنين عدّة إلى أن تمّ التّوصّل إلى هذه النتيجة، حيث أصبح الحصول على الاهتمام من أولويّات قائمة الأهداف لدى العلامات التّجاريّة.
وأوّل خطوة للحصول على الاهتمام هي أن تروي القصص عن علامتك التّجاريّة لتحجز مكاناً مهمّاً في أذهان المستهلكين.
فمنذ آلاف السنين، ومنذ تمّ اكتشاف أولى لوحات الكهف، كانت القصص واحدة من أهمّ أساليب الاتّصال الأساسيّة لدينا.
وفي مجال الأعمال فإنّه لا شيء يجلب لك الرّبح سوى طريقة تواصلك مع زبائنك وعملائك.
طرق إخبار القصّة:
هناك طريقتان لإخبار القصص:
إخبارها عن طريق الآخرين، أو أن تخبرها بنفسك.
- دع الآخرين يروون قصّة علامتك التّجاريّة:
لأنّ رواة القصص لديهم قاعدة جماهيريّة كبيرة، ولديهم من الخبرة ما يمكّنهم من معرفة ما يريد الجهور سماعه، وهنا تكمن الفرصة.
فالجمهور يشعر وكأنّ الرّاوي يفهم احتياجاته، ممّا يؤدّي إلى نشوء الثّقة بين الجمهور والرّاوي، الّتي هي أساس أيّة علاقة جيّدة.
وهذا معناه أنّه عندما تجعل الآخرين يروون قصّة علامتك التّجاريّة، فأنت تكسب ثقة جمهورهم.

. أخبر قصّة علامتك التّجاريّة للآخرين بنفسك:
عندما تخبر قصّة علامتك التّجاريّة للآخرين تكون لديك السّيطرة على تفاصيل القصّة بشكل أكبر، ولكنّها تصل إلى جمهور أصغر ويكون مخصّصاً.
والفرصة هنا هي في إنشاء الثّقة معهم ممّا يؤدي مع مرور الوقت إلى نموّ القاعدة الجماهيريّة الّتي تحلم بها.

كثير من المسوّقين اليوم بات شغلهم الشّاغل هو التّحدّث عن الأرقام، المبيعات، معايير النّجاح، ولا أحد منهم يحاول أن ينظر إلى الصّورة المجملة للتّسويق،
أي إلى القصّة وراء نجاح تلك الشّركة، وأسباب تعلّق أذهان المستخدمين بما تقدّمه، وبهوّيّتها وكيفيّة عمل ذلك من خلال إخبار قصص الهوّيّة التّسويقيّة.
مكونات القصّة:
القصّة ببساطة تتكوّن من (أحداث – فضول – أشخاص – حوارات – صراع)، وبكلّ جزء من هذه الأجزاء ستكون عليك المسؤوليّة الكبرى في تحديد كلّ مكوّن منهم،
وبمساعدة فريق التّسويق ستستطيع عمل حبكة قصصيّة تتميّز بالإمتاع، فيتعلّق بها جمهورك المستهدف.
لذلك قم بصنع الأحداث، ووفّر المعلومات الضّروريّة للقارئ حتىّ يستشفّ المعنى والسّياق،
واستخدم الفضول لتترك جمهورك يطمح للمزيد، قدّم منتجاً/خدمة رائعة وفاجأهم بالأروع كلّما أحسست برضاهم.
إنّ الأشخاص والأحداث هم المحرّك الأساسيّ لأيّة قصّة في الشّركات والأعمال،
فالأشخاص هم الموظّفون والزّبائن والأحداث ومفتاح النجاح هو حسن التواصل بينهم وتقديم الأفضل دائمًا ليصبح جمهورك المستهدف من رواة تلك القصة.
لنتوقّف اليوم عند هذا الحدّ، ولكن قبل أن نتوقّف يجب أن أخبرك بأنّ أهمّ عنصر في القصّة هو “الصّراع” فبدون صراع ستفقد قصّة علامتك التّجاريّة اهتمام الكثيرين،
فالصّراع قد يظهر في هدف شركتك، فشركة تريد تنظيم معلومات العالم، وشركة تريد القضاء على البطالة، شركة أخرى صراعها ضدّ الفقر وهكذا،
وكلّما كان صراعك ضدّ الشّرّ كلّما أحبّك النّاس وأصبحت شركتك هي بطلة قصصهم.
إعداد: ميس شنن
التدقيق اللغوي: نور رجب
المصادر:
واقرأ أيضاً في مدوّنة زنوبيا: 30 كلمة سحرية ينبغي استخدامه في التسويق